الاثنين، 10 أكتوبر 2011

الأصمعي والبقال

الأصمعي والبقال
 
عن الأصمعي قال: ‏ ‏ كنت بالبصرة أطلب العلم، وأنا فقير. وكان على باب زقاقنا بقّال، إذا خرجتُ باكرا يقول لي إلى أين؟ فأقول إلى فلان المحدّث. وإذا عدت مساء يقول لي: من أين؟ فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ. ‏ ‏ فيقول البقال: يا هذا، اقبل وصيّتي، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء، واطلب عملا يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها. فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة، ما أعطيتُك! ‏ ‏ فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام، صرت أخرج من بيتي ليلا وأدخله ليلا، وحالي، في خلال ذلك، تزداد ضيقا، حتى اضطررت إلى بيع ثياب لي، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي، وطال شعري، وأخلق ثوبي، واتّسخ بدني.
 
‏ ‏ فأنا كذلك، متحيّرا في أمري، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي:
 
‏ أجب الأمير. ‏ ‏ فقلت: ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى؟ ‏ ‏ فلما رأى سوء حالي وقبح منظري، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب، ودرج فيه بخور، وكيس فيه ألف دينار، وقال: ‏ ‏ قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك، وأطعِمك من هذا الطعام، وأبخّرك، لترجع إليك نفسك، ثم أحملك إليه. ‏ ‏ فسررت سرورا شديدا، ودعوتُ له، وعملتُ ما قال، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان. فلما سلّمتُ عليه، قرّبني ورفعني ثم قال:‏ ‏ يا عبد الملك، قد سمعت عنك، واخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين، فتجهّز للخروج إلى بغداد.
 
‏ ‏ فشكرته ودعوت له، وقلت: ‏ ‏ سمعا وطاعة. سآخذ شيئا من كتبي وأتوجّه إليه غدا.
 
‏ وعدت إلى داري فأخذت ما احتجت إليه من الكتب وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها، وأقعدت في
الدار عجوزا من أهلنا تحفظها. ‏ ‏ فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد.
 
‏ ‏ قال: أنت عبد الملك الأصمعي؟ ‏ ‏ قلت: نعم، أنا عبد أمير المؤمنين الأصمعي. ‏ ‏ قال أعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه. وها أنا أسلم إليك ابني محمدا بأمانة الله. فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه، فلعله أن يكون للمسلمين إماما. ‏ ‏ قلت: السمع والطاعة. ‏ ‏ فأخرجه إليّ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم. فأقمت معه حتى قرأ القرآن، وتفقّه في الدين، وروي الشعر واللغة، وعلم أيام الناس وأخبارهم.
 
‏ ‏ واستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال : ‏ أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها. ‏ ‏ فحفّظتُه عشرا، وخرج فصلى بالناس وأنا معه، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصلات من كل ناحية، فجمعت مالا عظيما اشتريت به عقارا وضياعا وبنيت لنفسي دارا بالبصرة. ‏ ‏ فلما عمرت الدار وكثرت الضياع، استأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة، فأذن لي.
 
فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي. وتأمّلت من جاءني، فإذا بينهما البقال وعليه عمامة وسخة، وجبّة قصيرة. فلما رآني صاح: ‏ ‏ عبد الملك! ‏ ‏ فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له: ‏ ‏ يا هذا!
قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَرَة!

الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

لماذا حازم صلاح أبو اسماعيل ؟

لماذا حازم صلاح أبو اسماعيل ؟
هذا رجل دين ماعلاقته بالجانب السياسي المدني ؟
لكن ما هي ميزته عن غيره ليجعلنا نقدمه على الآخرين ؟
كل الذي نخشاه درجة من الشدة أو التشدد الذي يضغط الناس دينياً ؟.
لكن الدولة المتقدمة لها مؤسسات و نظم حديثة لا تدار إلا بها ؟.
و هل غير المسلمين في مصر يناسبهم هذا المرشح ؟
الاجابة على الرابط التالي
http://www.hazemsalah.net/Quesrions_Answers.aspx

ارقام و حسابات التبرع للصومال


اغاثة الصومال ارقام حسابات التبرع




يدا بيد ... للتبرع لاغاثة اخواننا المسلمين في الصومال‏



الشعب الصومالي يموت



اغاثة الصومال ارقام حسابات التبرع



تخيل أن في الثواني التي تقرأ فيها هذه الأسطر الآن يموت عشرات الأطفال جوعاً في الصومال!!ـ




يواجه إخوتنا في الصومال هذه الأيام مآساة مروعة نتيجة مجاعة تقول الأمم المتحدة أنها الأسوأ خلال العشرين عاماً الماضية، حيث يواجه 12 مليون إنسان في القرن الأفريقي خطر الموت جوعاً.. أغلبهم من الأطفال!!ـ



ويتحدث مسؤولو الإغاثة عن مشاهد مروعةحيث تضطر كثير من الأمهات لترك أطفالهن الضعفاء على جوانب الطرق ليموتوا، حتى يستطيعوا حمل أطفالهم الأكثر قوة لمراكز الإغاثة حتى لا يموت الجميع!!


فأي مآساة تلك التي تدفع أماً لترك طفلها يموت جوعاً على الطريق!!ـ



وبقدر فداحة هذه المأساة تأتي عِظم مسؤوليتنا وواجبنا تجاههم، لذا فهذه رسالة لكل صاحب ضمير حي.. لأنهم لا يختلفون عنا.. وليسوا أقل منّا!!..ـ




ولأن مبلغاً صغيراً من المال قد يكون سبباً في إنقاذ حياة أحدهم!.. وإن لم يكن بالمال فليس أقل من الدعاء لهم ونشر قضيتهم بين من تعرف حولك..ـ


...



انها أسوأ مجاعة مرت على الصومال منذ عشرين سنه



والموتى حتى ألان 10000 مسلم أكثرهم من الأطفال واجبنا نحوهم عظيم الندوة العالمية للشباب الإسلامي عن طريق فروعها تستقبل التبرعات وتقدمها بشكل عاجل عن طريق مكتبهم في مقديشو تذكر إننا مقبلون على رمضان ونتجهز له من هايبر بنده و كارفور و العثيم والراية وغيره من مسميات السوبر ماركت وهم هناك يفترشون الأرض ويلتحفون أشعة الشمس الحارقة ولا مغيث لهم بعد الله إلا إخوانهم هذه أرقام المكاتب الخاصة بالندوة العالمية.....



الهاتف الموحد/920011000 الهواتف المجانية/8001244400/8001242299



انشر بقدر شعورك بالانتماء إلى المسلمين ..!



oطريقة التبرع لإغاثة الشعب الصومالي:



مفصلة هنا لمن أراد أن يتبرع من داخل المملكة العربية السعودية



عن طريق الندوة العالمية للشباب الإسلامي


...


تسهيلاً عليكم وتوفيرا للجهد والوقت وفرنا لكم هذه الطرق الإلكترونية ،



للتبرع بما تشاؤون ، عن طريق الإنترنت وأنتم في منازلكم أو في مكاتبكم



عن طريق الصراف الآلي ، من غير مشقة وحفظاً لأوقاتكم



وما عليكم إلا أن تختاروا أحد الطريقتين ، ثم تتبعوا الخطوات المذكورة كالآتي:



التبرع عبر أجهزة الصراف الآلي:



خطوات التبرع الإلكتروني من خـــــلال جهاز الصراف الآلي ِATM لشـــــركة



الراجحي المصرفية للاستثمار بعد إدخال بطاقة الصراف الآلي الخاصة بك ، وكتابة



كلمة السر الصحيحة ، تظهر شاشة تحتوي عدة خيارات:



1. اختر من القائمة التي سوف تظهر خيار " تحويل" .



2. من صفحة قائمة الحوالات ، اختر " التحويل إلى حساب في شركة الراجحي" .



3. أدخل مبلغ التبرع.



4. أدخل رقم الحساب التالي 446608010000448:



5. سوف يظهر اسم المستفيد ( الندوة العالمية للشباب الإسلامي).



6. اختر استمرار ثم ( خيار : نعم) .



7. أدخل مبلغ التبرع.



التبرع عبر الإنترنت:



هذه الخدمة متوافرة لمن لديهم حساب مصرفي لدى شركة الراجحي المصرفية



للاستثمار بالمملكة العـربية السعودية يمكن إجراء عملية التبرع إلكترونياً من خلال



حسابك المالي لدى شركة الراجحي المصرفية للاستثمار باتباعك الخطوات التالية:



1. اختر الحوالات.



2. اختر مستفيد جديد (مستفيد في مصرف الراجحي).



3. أدخل رقم الحساب التالي ( 446608010000448)، اسم المستفيد (WAMY) ثم


استمرار.



5. ثم اختر تأكيد وعندها سوف يتم إضافة حساب الندوة العالمية للشباب الإسلامي


ضمن قائمة حسابات الراجحي.



6. اختر الحوالات إلى حساب الراجحي ، رقم (446608010000448) ، (WAMY).



7. حدد مبلغ التبرع ثم استمرار.



8. ثم تأكيد.



لمزيد من الاستفسارات الاتصال على الهواتف التالية:



الهاتف الموحد : 920011000



الهاتف المجاني : 8001244400 – 8001242299 - 8002443300-



أنعم الله عليكم وتقبل نفقاتكم وصالح أعمالكم .!



يمكنكم التبرع من خلال الجهات الخيرية التي تثقون بها في بلدكم وهنا بعضها



ولمن يستطيع التبرع عبر الإنترنت:



يمكنه ذلك عبر موقع منظمة الإغاثة الإسلامية



في مصر:



لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة أطباء مصر :



حساب رقم 261363 بنك فيصل الإسلامي فرع القاهرة أو 20737/3/1 بنك قناة السويس – فرع الدقي / لصالح الصومال للتبرع 42 ش القصر العيني – دار الحكمة – القاهرة



لارسال مندوب لجنة الإغاثة الى بيتك اتصل ب- 0020177395657- 0020111116539



اتحاد الأطباء العرب)



حساب رقم 0199999 البنك الأهلي المصري



وللاستفسار: هاتف 0104002121 – 0104400045



ملاحظة : عند التبرع أرفق بأن التبرعات لصالح صندوق الصومال



في السعودية:



الندوة العالمية للشباب الإسلامي


الأمانة العامة – الرياض



هاتف: 012050000 – فاكس: 012050011


الهواتف المجانية: 8001244400 – 8001242299


الهاتف الموحد : 920011000



هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية فرع محافظة مكة المكرمة



هاتف / 025664449


هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية فرع محافظة جدة


هاتف / 026574000


هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية فرع محافظة الطائف


هاتف / 027384228



في الإمارات:



الهلال الأحمر الإماراتي



في قطر:



للاتصال بمنظمة قطر الخيرية



أرقام الحسابات للتبرع



في الكويت:



عبر جمعية العون المباشر



الخط الساخن ، من داخل الكويت- جمعية العون المباشر 1 866 888



للاستفسار عن التبرعات في الكويت: ٥٥٣٤٤٨٤٤/٩٩٠٦٥٢١٣



هيئة الاغاثة الاسلامية في دولة الكويت:



إسم البنك: بنك الكويت الدولي



إسم الحساب: جمعية الشيخ / عبد الله النوري الخيرية – الكويت


رقم الحساب : 082010013091


الأيبان : kwibkwkw



أخي المبارك / أختي المباركة:ساهم معنا في نشر الموضوع عبر المواقع والمنتديات والبريد الإلكتروني حتى تنال الأجر وينتشر الخير بإذن الله

الجمعة، 22 يوليو 2011

ليس منا - المواضع التي ذكرت فيها


"ليس منا" أي ليس من أهل طريقتنا وسنتنا ومنهجنا، وهذا وعيدٌ شديد في حق من حصل منه ذلك.


1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن. صحيح البخاري (7527 ) .

2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من حلق ومن سلق ومن خرق صحيح النسائي (1866 ) .قال الشيخ الألباني : صحيح والمقصود بقوله: (ليس منا من سلق) أي: من رفع صوته بالمصيبة، (وحلق) أي: حلق الرأس بسبب المصيبة، (وخرق) أي: خرق الثوب وشقه بسبب المصيبة.

3-عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف تبيع فأخبره فأوحى إليه أن أدخل يدك فيه فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش قال الشيخ الألباني : صحيح.
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من ضرب الخدود ؛ أو شق الجيوب ؛ أودعا بدعوى الجاهلية . صحيح البخاري (1297) .
5- عن أنس بن مالك يقول : جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا قال الترمذي : حديث غريب قال الشيخ الألباني : صحيح.


6- عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من حلف بالأمانة ومن خبب على امرىء زوجته

أو مملوكه فليس منا. رواه أحمد بإسناد صحيح واللفظ له والبزار وابن حبان في صحيحه ومعنى ( خبب ) يعني : أفسد وخدع.


7- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود و لا بالنصارى ، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ، و تسليم النصارى الإشارة بالكف . السلسلة الصحيحة للألباني (2194 ) .   http://bit.ly/pq3VeN


8- عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له . السلسلة الصحيحة للألباني (2195).


9- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا . صحيح البخاري (6874 ) وفي رواية .من سل علينا السيف فليس منا  . صحيح مسلم (162 ) .وفي رواية من رمانا بالليل فليس منا . السلسلة الصحيحة للألباني (2339) .


10- وجاء في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية.


11- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من عمل بسنة غيرنا " . صحيح الجامع (5439).


12- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منا ولست منهم ولا يرد على الحوض , ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه , وسيرد علي الحوض. أحمد (5|384) بإسناد صحيح

 13- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن وجد ذا الطفيتين والأبتر فلم يقتلهما فليس منا. صحيح ابن حبان (5638 ) .وذا الطفيتين أي: أن فيه خطين على ظهره مثل الخوص, وهي الحيات

 14- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على المنتهب قطع ؛ ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا. صحيح أبي داود (4391 ) والمنتهب: هو الذي ينتهب الشيء من صاحبه علانية. فلا يكون في ذلك قطع يد، وإنما القطع يكون في السرقة التي فيها خفاء (ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا). يعني: من انتهب نهبة مشهورة لها شأن وقيمة، ويرفع الناس إليها أبصارهم؛ لأنها لها منزلة وقيمة عندهم، (فليس منا) يعني: فيه تحذير ووعيد شديد في حق من يكون كذلك.

15- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تساكنوا المشركين و لا تجامعوهم ، فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا. السلسلة الصحيحة للألباني (2330 ) .

16- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يأخذ من شاربه فليس منا. صحيح الجامع (6533 ) .

17- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف ثأرهن فليس منا . صحيح الجامع (1149 )
(فمن خاف ثأرهن) يعني: خاف أن يحصل ثأر منهن، أو أذى من غيرها ممن هو مثيل لها إذا أقدم على قتلها، فليس منا.

18- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلب على الخيل يوم الرهان فليس منا. السلسلة الصحيحة للألباني (2331 ) .
والجلب: هو زجرها والصياح بها من أجل أن تجري

 19- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى. صحيح مسلم (1919 ) .

20- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من رجل ادعي لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر؛ ومن ادعى ما ليس له فليس منا ؛ وليتبوأ مقعده من النار ؛ ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه. صحيح مسلم (112 ) .

21- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من تشبه بالرجال من النساء و لا من تشبه بالنساء من الرجال. صحيح الجامع (5433 )

الأحد، 17 يوليو 2011

المواطنة في ظل المرجعية الإسلامية

   
المواطنة في ظل المرجعية الإسلامية
المواطنة في ظل المرجعية الإسلامية - د. محمد عمارة
 
هل المواطنة لا بد أن تكون علمانية؟!‏
وهل تحقُّقُها يستلزم التخلي عن المرجعية الإسلامية في القانون والتشريع؟
 إن المواطنة مفاعلة -أي تفاعل- بين الإنسان المواطن والوطن الذي ينتمي إليه ويعيش فيه‏,‏ وهي علاقة تفاعل‏؛ لأنها ترتِّب للطرفين وعليهما العديد من الحقوق والواجبات‏؛ فلا بدَّ لقيام المواطنة أن يكون انتماء المواطن وولاؤه كاملين للوطن‏، يحترم هويته ويؤمنُ بها وينتمي إليها ويدافع عنها بكل ما في عناصر هذه الهويَّة من ثوابت اللغة والتاريخ والقِيَم والآداب العامَّة‏,‏ والأرض التي تمثِّل وعاءَ الهوية والمواطنين‏,‏ وولاء المواطن لوطنه يستلزم البراء من أعداء هذا الوطن طالما استمرَّ هذا العداء‏.‏
 وكما أن للوطن هذه الحقوق -التي هي واجبات وفرائض- على المواطن‏,‏ فإن لهذا المواطن على وطنه ومجتمعه وشعبه وأمته حقوقًا‏ كذلك، من أهمها المساواة في تكافؤ الفرص‏,‏وانتفاء التمييز في الحقوق السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة بسبب اللون أوالطبقة‏ أو الاعتقاد‏,‏ مع تحقيق التكافل الاجتماعي الذي يجعلُ الأمَّة جسدًا واحدًا,‏ والشعب كيانًا مترابطًا‏,‏ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر أعضاء الجسد الواحد بالتكافل والتضامن والتساند والإنقاذ‏.‏
 
وإذا كان التطور الحضاري الغربي لم يعرف المواطنة وحقوقها إلا بعد الثورة الفرنسيَّة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي؛ بسبب التمييز على أساس الدين بين الكاثوليكوالبروتستانت‏,‏
وعلى أساس العِرْق بسبب الحروب القوميَّة‏,‏
وعلى أساس الجنس بسبب التمييز ضد النساء‏,‏
وعلى أساس اللون في التمييز ضد الملوَّنين‏؛
  فإن المواطنة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات قد اقترنتْ بظهور الإسلام‏,‏ وتأسيس الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة سنة واحد هجرية (‏622‏م‏) على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم )وتحت قيادتِه‏.
 
فالإنسان -في الرؤية الإسلاميَّة- هو مطلق الإنسان‏,‏ والتكريم الإلهي هو لجميع بني آدم
 "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" الإسراء: ‏70
 والخطاب القرآني موجَّه أساسًا إلى عموم الناس‏,‏ ومعايير التفاضل بين الناس هي التقوىالمفتوحة أبوابها أمام الجميع
"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" الحجرات: ‏13‏.
 بل قد جعل الإسلام الآخر الديني جزءًا من الذات‏,‏ وذلك عندما أعلنَ أن دين الله على امتداد تاريخ النبوات والرسالات هو دين واحد‏,‏ وأن التنوُّع في الشرائع الدينيَّة بين أمم الرسالات إنما هو تنوُّع في إطار وحدةِ هذا الدين
 "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً" المائدة: 48‏.
 
ولقد وضعت الدولة الإسلاميَّة فلسفة المواطنة هذه في الممارسة والتطبيق‏,‏ وقننتها في المواثيق والعهود الدستوريَّة منذ اللحظة الأولى لقيام هذه الدولة في السنة الأولى للهجرة‏؛
 ففي أوَّل دستور لهذه الدولة تأسَّست الأمَّة على التعدديَّة الدينية‏,‏ وعلى المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المتعدِّدين في الدين والمتحدين في الأمَّة والمواطنة‏,‏
فنصُّ هذا الدستور  "صحيفة دولة المدينة" على أن اليهود أمة مع المؤمنين‏,‏ لليهود دينهم وللمسلمين دينهم‏,‏ وأن لهم النصر والأسوة مع البر من أهل هذه الصحيفة‏,‏ ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين‏..‏ على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم‏,‏ وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة‏,‏ وأن بينهم النصح والنصيحة والبرّ دون الإثم.
وهذا الرابط به الصحيفة كاملة

هكذا تأسست المواطنة في ظلِّ المرجعية الإسلامية منذ اللحظة الأولى‏.‏

BQT_02.jpg

الاثنين، 11 يوليو 2011

صَـدِيـقي الليبـرَالـي المُـلتحِـي



صَـدِيـقي الليبـرَالـي المُـلتحِـي
(الليبرالي هنا بمعنى المتحرر من كل القيود وليس بمعناها الإقتصادي أو السياسي)
--------------------------------------

السلام عليكم ورحمة الله ..
قبل حوالي عقدٍ من الزمان .. ابان دراستي الجامعيه .. وفي نهاية المستوى الثاني تقريبا" .. التحقت كطالب متدرب .. بأحدى المؤسسات الصـُحـُفيه ..
ومع مرور الايام .. مارست العمل الصحفي .. بمهنيه احترافيه .. خرجت منها بخبرات عظيمة .. وعلاقات لازلت ادين للفضل ببعضها.. حتى يومنا هذا .
وخلال تلك الفتره خالطت علية القوم ومتوسطيهم .. ساستهم وعلمائهم .. فنانيهم ولاعبيهم .. ادبائهم واطبائهم ..
و زاملت اقلاما صـُحـُفيه .. متعددة المشارب والمواهب والتوجهات .

وكان ضمن من زاملتهم .. بطل قصتنا هذه ..
( صديقي ) .. هذه كلمته لي .. كلما رأني .. !!
اقول له احيانا" ممازحا" .. انا اخيك .. فيرد بل انت ( صديقي ) ..!!
لذلك سأطلق عليه .. خلال سرد احداث هذه القصه .. لقب ( صديقي )

كان ( صديقي ) الاعزب .. معروفا" بيننا بأناقته المفرطه .. وعطوره الباريسيه .. وحبه الشديد للتفرنج ..
كنا نجتمع كطاقم تحرير .. ظهيرة كل يوم .. على طاولة مستديرة .. لتجهيز المادة الصحفيه التي ستصدر من الغد .. وحين يراني قادما" الى مكان الاجتماع .. يشير نحوي بأصبعه .. قائلا" :
الى هنا ياصديقي .. لو لم يكن لك من مكسب في الجلوس بجواري .. الا عبق روائح ايف سان لوران ..
حتى ان رئيس التحرير اذا شاهده .. يسير في احدى الردهات .. ناداه بصوت مسموع .. ( حيا الله قزاز ) نسبة الى اشهر بائعي العطور في المملكه ..

كثيرا" ماكان يردد ( صديقي ) .. بأنه غربي الهوى .. عربي الجوى
فهو ناقم وبشده على مايعيشه مجتمعه من تحفظ .. وتقليديه وانطواء .. ورجعية
( على حد تعبيره )
يعشق نزار قباني حد الثماله .. ولا يترنم ويطيح برقبته يمنة ويسرة الا على أغاني فيروز
يقرأ لنجيب محفوظ .. وفاروق جويده ..

يملك ( صديقي ) من الخصال .. ما لاتجده متوافرا" في رجل واحد
خلوق ذو ابتسامه لاتفارق محياه .. ذكي ونبيه .. يحتكم على قلما" سيالا" .. واسلوبا" ادبيا" رفيعا

الا ان مشكلة ( صديقي ) العظمى .. والازليه .. والتي تصيبه بالاكتئاب المزمن ..
انه لايحب ذوي ( اللحى ) ..
يمقتهم ويصرح بذلك علنا" .. وعلى رؤوس الاشهاد ..
لايمكن ان يمر يوما" ما .. دون ان يشذ ب .. في رجال هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
دائما" مايردد عنهم .. انهم حجر العثرة الصماء .. على طريق سيرنا نحو الحضاره .

بصدق ..
لم اشهده ابدا" .. يدخل الى مصلى المبنى الذي نجتمع تحت سقفه ..
اظنه كان لايؤدي الصلوات ..
كنا نناصحه .. فيقول لنا : ( ومن قال لكم اني لا اصلي .. الايمان هاهنا .. ويشير الى الجهة اليمنى من صدره لا اليسرى.. امعانا منه في السخريه ) .

اذا خرجنا هو وانا .. لوحدنا .. يفضفض لي .. عن مايكنه جوفه من هموم وافكار ورؤى .. مما يجعلني اشعر .. بمدى سطوة الشيطان على افكاره ..!!
بدات أتقرب منه أكثر .. شيئا" فشيئا" .. في محاولة مني لتذكيره بالله وبرسوله واليوم الاخر .. فلم اجد منه الا قلبا" صلدا" .. واذنا" صماء ..

في يوم ( اثنين ) شتوي .. شاهد احد الاخوة السودانيين العاملين في الاقسام الفنيه بالجريده .. .. مارا" من امام مكتبه .. فدعاه الى تناول قدحا" من شاي .. شكره السوداني معتذرا" بانشغاله .. وعندما اصر ( صديقي ) .. اعتذر الضيف بلباقه .. وقال ( انا صائم )
بـُهـت ( صديقي ) .. وقال : وهل نحن في شهر صيام .. حتى تحرم نفسك . لذة شراب ساخن .. في جو قارس البروده .. !!

ساسألك .. قالها موجها حديثه للسوداني ..
هل يمكن ان تـُعفى عن صيام يوم .. في رمضان !! ؟ اذا ليكن عطائك بقدر مكسبك .. يكفيك ثلاثون يوما في العام يازول .. !!
لم نزيد السوداني وانا على قولنا .. هداك الله .. وخرجنا .

حينما كنت.. اقرأ كتابات ( صديقي ) .. غير المنشورة طبعا" .. اشعر بقشعريره . تسري في بدني ..
أي قلم يجرؤ .. على كتابة مثل هذا .. !!؟فلا اتمالك نفسي .. واؤنبه .. بل واهدده .. !
فلم يكن يزيد على قوله : لاتعجل ياصديقي .. سيأتي ذلك اليوم الذي .. تجد ماتقرأه هنا .. نزقٌ .. امام ما سيـُنشر .
وكان زماننا ذاك .. في بداية .. ظهور زمن الاطباق الفضائيه .. اوماكنا نسميه بـ ( البث المباشر ) ..

خوفا" .. على فكري وديني .. نفذت بجلدي .. واصبحت اتحاشا .. الجلوس معه .. او التقرب منه . وأبديت له شيء من جفاء فقد اخذ اليأس طريقه الى نفسي .. من عودة ( صديقي ) الى جادة الصواب ..

شعر هو بذلك ..
فكان كلما رأني .. يقول .. لن تبرح ان تكون ( صديقي ) !!
ارد عليه بأبتسامة باهته .. وفي داخلي اقول (( اللهم رده اليك ردا" جميلا )

بعد عدة اشهر ..
كنت اسير في احد الشوارع التجاريه .. المكتظه بمحلات الازياء .. واذا ببصري يقع على ( صديقي ) على قدميه وبجواره فتاه .. تلف ساعدها الايسر حول يمناه .. وتحمل في يمينها عدد من الاكياس المليئه بالمشتريات ..
لم تكن تلك الفتاه .. متحجبه بالشكل الذي نعهده نحن في نساء بلادنا .. فحجابها لايكاد يغطي عشر وجهها !!
وكعادتنا نحن السعوديين .. حينما يشاهد احد منا صديقا" له .. ومعه اسرته .. فأنه يتحاشا اللقاء به مباشرة .. !!
وهذا مافعلته .. اتحت له الفرصه ليكون لقاءنا وسلامنا منفردا" .. مسترجعا" بذاكرتي .. متى اقدم هذا ( الصديق ) على الزواج .. !!؟

الا انه رفع عقيرته .. مناديا" (( صديقي )) ..
توقفت .. واقبل عليّ .. وهو في ذات الوضع مع تلك الفتاه .. !!
ومع اقتراب خطواتهما مني .. وهي بجواره .. بدأت اشعر بتعرق جبيني ..وكفاي !!
مد يده مصافحا" .. ومعانقا"
كيفك .. !؟ قالها لي .. !!

يمم وجهه شطر صاحبته وقال : اعرفك على خطيبتي .. ( فلانه الفلاني ) ..
و مدت هي يدها نحوي .. للسلام ..


شعرت بالارتباك .. وازداد تعرق جبيني .. وكأنني اقف تحت شمس حارقه .

تزامن مدها (الجريء ) ليمناها .. بقصد السلام ..

مع صوت بالكاد يسمع لـ ( طقطة ) لبان بين فكيها ..

فاشمئزت نفسي ..


مددت يدي ..


وبعنف ..


نحو ذراع ( صديقي ) .. وتنحيت به جانبا" .. !!


من هذه الفتاه .. !؟ قلتها له .
الم اقل لك انها خطيبتي .. !؟ هكذا اجاب .

قلت له : اظنك تقصد ان تقول ( قرينتي ) .. فقد تم عقد قرانك عليها .. ولم تدخل بها بعد . .!
تبسم .. وقال لا .. لا .. اعي ماترمي اليه .. ياصديقي المتخلف ..
عقد القرآن.. سيكون بعد اختبار مشاعر كل منا نحو الاخر ..!!!

شعرت بان اوداجي قد تورمت ..
ولكن يـا ( صديقي ) .. انت هنا تجاوزت كل الخطوط الحمراء .. منها والسوداء .
شرعا" .. وعرفا" .. وسلوكا" انت مذنب .

من اباح لك الخروج والانفراد بها .. وبهذا الشكل الموغل في ازدراء المحيطين بك .. ؟

قاطعني ..
دع عنك نصائحك الذهبيه .. ووفرها الى ان نلتقي في الجريده .
وهناك ساشرح لك الامر .
والان دعني اذهب قبل اغلاق المتاجر لصلاتكم !!!

تأبط ذراعها .. وغادرا
وفي القلب منه حسره ..


انتظرت قدوم اليوم التالي .. بفارغ الصبر
بحثت عنه حتى وجدته ..

حين شاهدني .. بادرني .. مرحبا" بـ ( الرفيق ) ..
هززت رأسي .. لايهم ( صديق ) او ( رفيق ) ..

اخذته الى حيث لا احد .. وعلمت منه .. ان تلك الفتاة هي ابنة احد اشهر من عـُرف عنهم .. حب التأمرك ..
واهم دعاة التغريب .. وخروج المرأه
وانها بالفعل خطيبته .. وخروجها معه بموافقة .. ذويها ..
وانه لامانع لديهم .. طالما انهم يثقون في ( صديقي ) .. ونواياه حسنه .
بل انها تلقى التشجيع .. من والدها شخصيا" ..

بعد ان ادلى بكل هذه المعلومات ..
حاولت ان ابين له .. خطأ مايذهب اليه ..
وان الشيطان حريص على اغوائه ..

تبسم قائلا" : " لازالت الرجعية .. تعشعش بين زوايا فكرك ياصديقي .. "

حينها فقط ..
شعرت بأنني فعلا" أشفق عليه ..
(( اللهم رده اليك ردا جميلا ) .. هكذا تمتمت ..
استاذنته وغادرت ..

بقينا ( صديقي ) وانا .. في مد وجزر .. على مستوى العلاقات الشخصيه ..
اكن له شفقة وخوفا ..
و يحمل لي محبه وتقديرا .. اشعر بها من خلال تعامله معي .. !!

ذات مره ..و في مناسبة عشاء
وبعد ان انتهينا من تناول الطعام .. تقابلنا امام مغاسل اليدين ..
فقد كان هو على يميني .. وعلى شمالي أخ ( ملتح ) ..

نظر اليه بتعجرف .. وهو في طريقة الى مغادرة المكان .. وهمس لي .. ( كم اكره هذه اللحى ) . !!

اذا" فأنت تكره محمد عليه السلام وصحابته ..!! هكذا رميت بها على مسامعه .

ارتبك .. وقال انا لا اقول بهذا ..

ولكنك تكره سنته واوامره .. وهذا يعطي انطباعا" بانك تكرهه ..
فلو كنت تحبه صادقا" .. لأقتديت به ..
وفي اقل الاحوال لصنت لسانك عن الاستهزاء بأتباعه ..

استشف من حديثي الجفوه والغلظه ..
فغير مسار الحديث ..

كرهت البقاء .. وغادرت .

شاء الله .. ان انهي علاقتي .. بتلك المؤسسه الـصُحـُفيه ..
وان اغادر الى موقع اخر ..

وبقيت ذكرى ( صديقي ) .. ومواقفه المؤلمه .. تدور في مخيلتي ..

كان في داخلي صوت ينادي .. بأن لاتدعه للشيطان !!

وكنت كلما قرأت له .. اعجب بأسلوبه .. واتذكر جميل اخلاقه .. فأدعو له :
( اللهم رده اليك ردا جميلا ) .

تقطعت بنا السبل .. ونأت بنا الايام ..
ونسيت ( صديقي ) .. وهو كذلك .. نسيني .
فمن بـعُد عن العين .. نسيه القلب ..

وانشغل كلٌ منا بحياته .. ولم اعد اعلم .. ماالذي انتهى امره اليه .. هو وصاحبته .
الا انني كلما التقيت .. بأحد ممن زاملنا .. وسألته عنه
قال لي : هو بخير .. ( ولازالوا في طغيانهم يعمهون ) ..

مرت سنوات ..

وذات يوم .. وبينما كنت منهمك .. في عمل ما .. بحضور جمع من الناس ..

اذا بصوتٍ يأتيني من الخلف ومن صوب كتفي الايمن .. هامسا" ..

(( مرحبا" ياصديقي ) ) ..

التفت بدهشه .. فالصوت قد لامس مسمعي .. وهو ليس بغريب على طبقات اوتار اذني ..

فاذا انا بصاحبي ..

عقدت الدهشة لساني ..

ولم أمد له يدي مصافحا" ..



الجمتني الدهشه ..

وشعرت بأن خلايا المخ لدي .. قد تاخرت للحظات في نقل التوجيه .. الى تفكيري ..
فلم اعد ادرك مالواجب علي فعله .. !

حساسية المكان .. واهمية الزمان .. الذي التقينا في .. وهول المفاجأة
تواكبت جميعها .. لتشل قدرتي على اتخاذ القرار المناسب .. !

التقت عيناي .. بعينيه !

وشعـُر هو .. بهول الصدمه والحيرة .. التي اعيشها ..

تسمر في مكانه ..

واغرورقت عيناه .. بدمعة حرى صامته .. جامده !!
فلا هو بالذي مسحها .. !!
ولا هي بالتي .. انسكبت على خده ..!

لم امد له يدي مصافحا" .. ابدا" .. ابدا"

فما تلك اللحظة .. بلحظة التقاء الاكف فقط ..

بل هي لحظات التقاء القلوب ..

شرّعتُ له .. ذراعيّ الاثنتين ..

وما كاد يراها وقد شـُرّعتْ

الا وارتمى بكل ما اوتي من قوة ..

والتفـّتْ يمينه لتلقي شماله .. حول كتفيّ

وكأنه غريق .. في بحر لجي .. وقد وجد ضالته .

شعرت بأزيز اضلعه .. وسخونة انفاسه

وكأنما في حنجرته .. سدود وحشرجات !!

لم ينطق ببنت شفه ..

وما زال مقدار قوة احتضانه كما هي .. لم تخبو .. او تقل!

تركت له نفسي ..

ووضعت يمناي .. خلف رأسه المتعب !

واذا به يطبع قبلة .. على كتفي الايمن .. لم اشعر بأصدق منها .. من اخٍ لأخيه ..!!

رفعت رأسه ..

لأبصر وجهه ..

فاذا بأودية من الدموع .. قد تراكمت .

وسارت ..

وانسدلت ..

بتحنان بالغ ..

على خديه ..

ومن ثم ..

على ( لحية ) .. لم ار بأجمل منها ..

قد نبتت على عارضيه ..

قال لي : وعبراته تتزافر ..

واضلعه تتنافر ..

انت ( اخي ) ..

ولست بـ ( صديقي ) ..


قبلت جبينه .. بقوة

وعانقته من جديد ..


كان الزمان .. ضحى التاسع من ذو الحجه ..لهذا العام

اشرف يوم اشرقت فيه شمس ..

وكان المكان .. في مخيم دعوي .. على ارض عرفات الطاهره ..

وكان ( أخي ) .. يلتحف ردائين ابيضين ..

كأنصع مارأيت من بياض ..

اخذته بيده ..

فأنقاد طواعية ..

وفي الطريق الى خيمتي ..

كانت دموعه تذرف بصمت ..

واصابع يسراه .. تقبض على انامل يمناي .. بكل ما اوتي من قوه !

وكاني أسير بين يديه .. يخشى هروبي !


اللهم ما اكرمك .. وما احلمك .. وما اجودك ..

اهذا هو ( صديقي )

عدو ( اللحى ) اللدود

وقد اصبح ..

صديق ( اللحى ) الودود ..


(( اللهم ردنا اليك ردا جميلا ))

دخلنا الخيمه ..

وبعد ان اسندته الى صدرها ..

حيا الله ( صديقي ) .. قلتها له .

رمقني بنظرة عتاب .. وقال :

الم اقل بأنك ( اخي ) ..

بل انت من اغلى الاخوان .. ايها الحبيب !!

مرت لحظات صمت ..

وفي قلبي شوق عارم .. لمعرفة سر تحوله ..

من ذلك المقاتل الشرس .. الى الحمل الوديع .. !!

اردت ان اسأله .. انـّـى لك هذا !!؟

لدي الف سؤال وسؤال .. اريد نثرها بين يديه .

فأثرت الانتظار .. ريثما تهدأ نفسه وتستقر مشاعره ..

وما هي الا لحظات .. حتى عاد الى هدؤه

ونظر الي .. .. وبحنكته التي اعرفها فيه ..

قال ..: لديك اسئلة كثيرة .. اليس كذلك ؟

اومأت له برأسي .. كدليل موافقه .. !

سأجيبك .. عن كل شيء ..

فقط .. عندما نعود الى مدينتنا .. وبعد ان نكمل حجتنا .. !! بأهم حدث عرفته في حياتي .. !!

وكيف احياني الله .. بعد موتي !!

وماذا قلت لأبنتي الصغيره ..؟

ومن ذاك الذي دعاني وانا نائم ؟

فقط كن بالقرب .. وعلمّني ..

كيف احب الله ورسوله .. ؟؟

بقينا في ضيافة الرحمن .. بقية ايام الحج ..

رأيت في اخي .. لهف وشوق .. الى محبة الله .. لم اره في احد قبله ..

كان دعائه .. مصحوب بدوع الندم .. وحسرات الضياع .. !

قبيل غروب شمس يوم عرفه .. انتحى جانبا" ..

وانا ارمقه بنظرات المشفق المحب ..

وقد ستر خديه وعينيه بكفيه ..

الله اعلم .. ماذا كان يقول !!

بعد انتهائنا من مناسك الحج بفضل الله ..
عدنا الى مدينتنا ..
لم نكن رفقه ..
فقد ارتبطت انا برفقاء اخرين
وغادر هو وحيدا" لرغبته .

وبعد وصولنا الى مدينتنا بيومين ..
عنّ لي .. ان ابحث عنه ..
فقد كان أمره.. مسيطرا" على جل تفكيري
ولولا شيء من وعثاء السفر
لهرولت اليه منذ لحظة وصولي !

هاتفته .. فتبين لي انه في شوق للقاء !!
اقترح هو الزمان والمكان الذي سنجتمع فيه ..
وعلى الموعد .. كنت .

شاهدته .. وكأنني لأول مره ابصره ..

سبحان الله ..
هنا شيء اود ان انقله لكم ..
(( من ادخل الله نور الايمان .. وعظمة الخشية .. الى قلبه .. ستجد فيه اختلافا" كثيرا .. محبة الناس له تتغير و وضاءة وجهه تتبدل .. وسلوكه يأسرك .. ))


نعود ..


قرات في عينيه .. مالم اقرأه في سير العائدين والتائبين ..
الرجل الذي القاه الان .. لايمكن بأي حال من الاحوال
ان يكون هو ذات الرجل الذي كان ( صديقي ) يوما ما

في سلامه سلام .. وفي كلامه وقار .. وفي هدؤه رزانه ..
لم اعهدها فيه من قبل ..
حتى ابتسامته التي كانت جميله .. اضحت اجمل مما سبق !!

بعد مقدمات وسؤال عن الاحوال ..
بادرته ..

من قمة رأسي الى اخمص قدمي .. كلي اذان صاغيه ..!!
فهل لك ان تسترسل ..!!

ما ان تلقف هذه العبارة مني ..
حتى انشرحت اساريره .. وكأنه يريد ان يـُخرِج اثقالا جاثمة على اضلعه وما احتوت !!

قال :

لعلك تعرفني اكثر من نفسي ..

في مامضى !!
كنت اظن الحياة .. مجرد لهو وعبث ..
نصحو لننام .. وننام لنصحو
ومابين الصحوة والنوم ..
يجب ان نستغل كل ( لحيظة ) للملذات فقط ..

كانت فلسفتي في الحياه ..
استغل كل ساعات يومك .. لتسعد قلبك !!
وكنت افعل .. ما اظنه سعاده !!

سفر .. سهر .. لقاءات عابره .. حريه ..
انطلاق دون ضوابط .. انعتاق من قيود ..
لايشيء يردعني من هوى .. طالما ان نفسي تشتهيه


اثقل ماكان يؤرقني ..
اولئك الذين كنت اراهم ( متزمتون )
كنت اسخر من كل واحد فيهم .. حين رؤيته

لحية .. ومسواك .. وازار لايصل الى الكعبين !!

ايُ شعارٍ يتمنطقه هؤلاء !! ؟

كنت اقول في قرارة نفسي حين رؤية أي منهم ..
ايعقل ان يعيش مثل هؤلاء البشر .. في قرننا هذا

نحن في زمان ناسا و الانترنت و البلوتوث و صغر حجم الكون
وسرعة الوصول من شرقه الىغربه !!
واولئك .. لاهم لهم الا .. اطالة شعيرات وبضع سنتيمترات من قماش طال او قصر ..

(( استغفر الله العظيم )) ..
نطق بها .. وفي حنجرته غصه قرأتها بين احرف كلماته .

اخرج من صدره بضع زفرات ..
كنت احسبها .. حرّى
لم ادع عيناه .. تفلت من رقابتي
بل كنت انظر اليه بتركيز
واشعر اني يجب ان استحثه .. على اخراج كل كوامنه ..

لم انبس ببنت شفه ..

توقف لبرهه .. وكأنه سيتخذ قرار ما ..

ثم واصل حديثه ..

تزوجت .. بتلك الفتاه التي رصدتها معي ذات يوم ..
عشت بها ومعها ..

وعلى الرغم من مضي فترة ليست بالقصيره .. على خطبتي اياها
الا اننا اكتشفنا .. بعد زواجنا
ان كل منا لم يستكشف الاخر بعد ..

واتضح لي لاحقا" .. ان كل ذلك .. مجرد ( حكايات افلام )) ..
لااعلم من منا .. كان الجاني على الاخر ..

مضت اشهر على زواجنا .. ولم نستطع الاستمرار !!
فالحرية والسعادة التي كنت انشدها ..
تبخرت بمجرد كتابة ( عقد ) !!

اتفقنا على الانفصال بموده .. دون ان نرزق بابناء
عادت هي الى اهلها
وعدت انا الى غيي ..


بعد حوالي عام ..
اصرت والدتي على تزويجي ..

اصبح الامر لدي سيان ..
لم اتردد .. وافقتها
خطبت لي ابنة احدى الاسر العادية .. في محافظتنا
لم تكن بتلك الاسرة المتحرره ولا بالمتزمته .
بين بين ..

تزوجت بامرأه لااعرفها ..
شعُرتُ بالتخلف والانهزاميه
اهكذا خاتمتي !! ؟

دخلت بها .. دون انشراح !

في ليلتنا الاولى .. لم ترفع راسها امامي .. خفرا" وحياء"

وعهدي بمن عرفت من النساء ..
هنا وهناك ..
الصولة والجولة ..
فأعينهن تسابق عيناي !!
واياديهن تسابق يداي!!

وما ان دخلت عليها ..
وحدثتها حديث الغريب للغريب ...
حتى استأذنتي للحظات ..
فأذنت لها ..

توقعتها .. ستتجمل لزوجها
كفتاة في ليلة فرحها ..

واذا بها ..
تمد سجادتها .. وتتلتحف بدثارها
وتصلي ..


( مطوعه ) .. الله يسامح الوالده .. أهذا وقت صلاة ..!!
قلتها في نفسي ساخرا" !!

تركتها على سجيتها .
وما ان انتهت من صلاتها ..

حتى قالت لي :
هل اوترت !! ؟؟

لم اجبها ..

مرت الايام .. وتوالت الليالي
وعلمت انه وجب علي الاستعداد .. لقدوم ضيف جديد على منزلنا .. خلال الاشهر القادمه .

كانت هذه الزوجه..
تتقرب مني كل ما ابتعدت عنها ..
تشتري رضاي .. براحتها
يخجلني .. توددها
لاهم لها .. الا البحث عن سعادتي ..
فأستحيي ان اجلب لها التعاسه .

اكتشفت ان زوجتي .. ( مطوعة ) لطيفة
بل لطيفة جدا" ..

لاحديث لها الا عن الجنة والنار ..
اجد بين ايديها كتبا" .. كلما قرأتها
غالطت نفسي .. وقلت لايمكن ان يكون هذا الا مبالغة فألقي بها جانبا"

ما ان اعود من الخارج ..
الا وتسألني .. هل صليت الظهر ..!!؟
هل صليت العصر .. !!؟

نعم نعم .. صليت ..
هذه اجابتب بتذمر ..
وانا والعياذ بالله .. لم افعلها ..

بدأت اكره لقائها .. حتى لاتسألني عن الصلاة

رزقنا بمولودتنا الاولى ..
وازدان بها منزلي ..

تشبه امها كثيرا" .. الا اني عشقتها دون امها
كبرت الصغيره الجميله
واصبحت رفيقتي .. في خروجي وعودتي
لاهم لها الا ( البقاله ومحل الالعاب المجاور )

ذات يوم ..
هاتفني اخي ..
يريد مني الحضور اليه .. لأصطحابه الى المطار ..
كنت حينها اشعر بالارهاق ..
فالليلة الماضيه سهرت في الجريدة حد الاعياء ..
ولم اخذ كفايتي من النوم ..

اخذت طفلتي بجواري .. وذهبنا سويا" الى منزل عمها
ومن هناك اصطحبناه الى المطار
وودعته عند بوابته ..

في الطريق الى منزلي ..
وحين انتصفت المسافه ..

شعرت بشيء .. لم اشعر به من قبل .. !!
لست انا .. بالذي اعرفه عن نفسي !!

بدأت اشعر بالدوار .. !!

خفقان في قلبي !!

زغلله في بصري !!

اشعر بثقل يخدّر مفاصلي !!

حاولت جاهدا" ..
الخروج من مأزق هذا الشعور ..

غالطت نفسي ..

وبدأت انفاسي تضيق .. !

اصبحت اخرج زفير هوائي .. من فمي لا انفي .. !

العرق يتفصد من جبيني .. وخداي !

تملكني الخوف ..

سيطر علي الرعب ..

خشيت الارتطام بالسيارات التي امامي !.

ولا اراديا" .. اوقفت سيارتي الى جانب الطريق!

وقفزت الى الكرسي المجاور .

واختطفت صغيرتي ..

وجريت بها .. ملوحا" للسيارات العابره

ان توقفوا .. توقفوا !!

رتل من السيارات .. مر بي ولم يتوقف ..

وفجأه ..

توقفت تلك السياره .. واذا بي اركض نحو مقعد الراكب

لم استاذن صاحبها .. بل لم امكنه حتى من سؤالي

قلت له ارجوك .. ارجوك

اشعر بأني سأموت وهذه ابنتي ..

انقلني الى اقرب مستشفى ..

كأنه قرأ .. في عيني الرعب

( ابشر بأذن الله سأوصلك اطمئن )

كانت هذه عبارته .. التي اجابني بها ..

اطبقت على اضلع الصغيره ..

واغمضت عيناي ..

والسيارة تسير بنا .. نحو مستشفى لم احدده لسائقها ..

شعرت اني مقبل على ( الموت ) ..

وازداد ضغطي على فلذة كبدي ..

لااريد ان اشعر .. بأني قد خذلتها

وتركتها وحيده ..

(( اشهد ان لااله الا الله .. واشهد ان محمدا رسول الله ))

رددتها اكثر من مره .. وما ذاك عهدي بنفسي

حاولت قرأة شيء من القرآن ..

فاذا برصيدي لايسعفني

يا الهي .. لا احفظ منه الا الفاتحه وقصاره

حتى اية الكرسي التي سمعت بفضلها .. لا اتقفن حفظها

يالغفلتي ..

اين كنت من هذا ! ؟؟

اكثرت من الاستغفار .. بدأت اردد سبحان الله .. سبحان الله

كان همي الاول والاخير ..

ان لاوقت اضيعه ..

يجب ان اجمع اكبر قدر من الحسنات ..

يجب ان اشغل ذلك الرقيب .. الذي عن يميني بالتسجيل والتدوين ..

واحسرتا على مافرطت في جنب الله ..

هطلت دموعي .. على وجنتاي .. اسى وحسره .

مرت ايام حياتي امام ناظري كشريط سينمائي

شعرت اني كنت بعيدا" .. عن الله ..

واني قد دنوت من لحظة الحقيقه .. التي كنت اتجاهلها دوما ..

استحيت ..

بأي وجه سألقى الله ..

اين افكار ( غاندي ) و ( سارتر ) مني الان !!

اين ترانيم نزار .. وقصص ( اجاثا كريستي )

اين سنين ضيعتها .. في قصص وروايات وخيال ..

اين مني كل هذا .! !؟

وهذا اخر ماعهدته بنفسي ..

وعيت واذا بي .. بين يدي ذوي الستر البيضاء

احدق في لاشيء ..

قال ( اخي ) حفظه الله وثبتنا واياه
مستكملا" سرد ماجرى له من احداث :

استعدت شيء من الوعي .. ونظرت حولي .. اتفحص المكان ..
في محاولة مني للرجوع بالذاكرة الى الوراء قليلا" ..

وسألت نفسي ما الذي اتى بي الى هؤلاء .. ! !؟

اين انا .. !؟

فجأه ..
وبتصرف لا ارادي .. ضممت ذراعاي الى صدري .. !
ابحث عن شيء ما

تذكرت غاليتي .. وفلذة كبدي ..!
كانت بين احضاني .. !!
اين ذهبت .. أين هي ؟

صرخت ..
اين ابنتي .. ؟
فاذا بصوتي يعود صداهـ الي مصدره ..
نتيجة كممامة اكسجين .. وضعوها على انفي وفمي معا" ..

نزعتها وبقوه ..
دكتور .. دكتور .. هكذا كان ندائي لرجل اراه من بعيد .. يرتدي بزة بيضاء .. ويعلق على جيده سماعة طبيه ..
حضر الي ..
ولمحت في وجهه نضاره ..
وفي ملامحه كل معاني الدعة والاطمئنان ..

سألته :
دكتور اين ابنتي .. !؟

لاتتعب نفسك .. انت بحاجه الى الراحه .. هكذا اجابني .
شعرت بأنه لايفهمني ..
او انه لايعلم ان ابنتي كانت في حضني ..

فجأه ..

ظهر لي شاب سعودي ..
متأنق في ملبسه .. مؤدب في حديثه
وحادثني بأسمي قائلا" :

احمد الله على سلامتك يـا ( فلان ) وناداني بأسمي الاول .
اقلقتني عليك يارجل ..!! حفظك الله
لكن الحمد لله طمأنني الطبيب .. انك بخير
كل مافي الامر مجرد ارهاق .. وسيزول بأذن الله
وشقيقك ( فلان ) واسماه بأسمه .. في طريقه الينا

ابنتك معي .. ومع زوجتي .. انظر اليها هناااك
واشار بيده الى نهاية الممر الذي تطل عليه الغرفه ..
فأذا بالفلذة بين احضان امرأة متحجبه
تداعبها وبين يديها .. لعبة

اعدت النظر الى الرجل بتمعن ..

( وانا لازلت في مرحلة التأرجح
بين واقعي الذي اعيشه ..
وبين اخر المشاهد التي كنت اعيشها )

واذا بي امام شاب ( ملتح ) انيق .. وسيم .. مؤدب

عفوا" .. من انت ..؟ قلتها له .

انا اخوك .. عبدالاله الـ ........

الا تذكرني .. !!؟ كانت تلك اجابته .. !!

لم يدع لي مجال .. لمحاولة الاستذكار .. حتى لا يجهد ذاكرتي !! ( لله ما اروعه )

وواصل حديثه قائلا" :

انا الذي توقفت لك بسيارتي .. على طريق المطار واخذتك وابنتك معي .. وطلبت مني ان اوصلك الى اقرب مستشفى.
كنت لحظتها .. تعيش رعبا" لايوصف ..
سمعتك تتلو الشهادتين .. وتسبح ربك وتستغفره ..

ماشاء الله عليك .. هذا نتيجة عظمة الايمان في قلبك ..
بعد ركوبك معي بهنيهه .. احسست انك فقدت وعيك ..

شعرت بالقلق عليك ..
ودعوت الله .. وسألته بعزته وعظيم جلاله ..
ان يحفظك لهذه الصغيره ومن معها !!
وان لايريها مكروه فيك ..

سحبت ابنتك الجميله من بين يديك ..
وحثثت المسير نحو هذا المستشفى الذي نحن فيه الان ..

وحين كنا في الطريق ..
هاتفت زوجتي .. وطلبت منها ان تلقاني هنا برفقة اخيها
لتعتني بطفلتك .. وقد حضرت كما ترى .

كما ارجوك ان تعذرني .. اخي .. ( فلان ) وناداني باسمي ..
فقد تجرأت وادخلت يدي في جيب ثوبك
واخذت هاتفك الجوال وبطاقتك الشخصيه
ومنها عرفت اسمك .. واتصلت بأحد الارقام المُدخلة مسبقا" في هاتفك تحت مسمى ( فلان – اخوي ) .
وسألته عنك وعلمت منه بأنه شقيقك ..
اخبرته بالامر .. فاخذ منه القلق كل مأخذ .. الا انني طمأنته .. وهوفي طريقه الينا ..

*
*
*



يقول ( اخي ) .. اثناء سرده لقصته .. وانا مشدوه لحديثه ووصف قصته ..

كان ذلك الشاب يتحدث .. بأنطلاقة غريبة
شعرت وهو يخبرني بما جرى لي ولأبنتي ..

بأنه اطهر من يسير على الارض ..
تتطاير من عينيه نظرات التحنان
ومن بين شفتيه .. كل معاني البذل والايثار

احسست بطيب معدنه .. ولطافة معشره

يأسرك بحديثه .. وطيب عباراته

ابتسامته لم تفارق محياه البته ..
حتى وهو يحدثني .. عن وقع المفاجأه عليه
حين حمل شخصا" غريبا" ..
وفجأة يغمى عليه معه ..

يملك هدوءا" غريبا" يبعث على السكينه

الغريب .. جدا"
ان الرجل ( ملتح ٍ )

ماهكذا كنت اظن الملتحين .. !!

اين الفجاجه التي كنت اظنها فيهم !!؟
واين قسوتهم وشدتهم .. التي حدثونا عنها !!؟
واين عنجهيتم وتصلفهم ..!! ؟

ما اراه الان امامي .. شيء لايمكن وصفه .. ويناقض كل الافكار السيئة المرسومة عنهم .

هنا رجل قدّم وزوجته .. مالا يقدمه الغريب للغريب !!


احس هو بسرحاني ..
واراد ان يعيدني الى اتزاني فقال :

لقد طمأنني الطبيب عنك .. فقد اجروا لك بعض الفحوصات
منها ما ظهرت نتائجه وهي مطمأنه ..
والاخرى لازالت في المختبر ..

ولا تقلق فقد اكد الطبيب .. بأن قلبك اقوى من قلبي
قالها وهو يضحك .. حتى بدى وجهه كبدر .

حضر الطبيب ..
وسألني بعض الاسئله واجبته عليها ..
واعاد لي بعض الفحوصات الاكلينيكيه
وشكوت له من صداع يقبع في مؤخرة رأسي
اشعر وكأنه يكاد ينفجر ..!

ضرب على كتفي براحته .. وقال ( زي الحصان ) .. !!
احتاج فقط الى ان ابعثك للاشعة المقطعيه ..
اريد ان اتاكد من سلامة الرأس ..

ما ان نطق بهذه العباره ..
الا وضاقت علي الارض بما رحبت ..
شعرت بالخوف .. والرهبه
وبدأت المخاوف تنتابني من جديد ..
رأسي .. واشعه مقطعيه .. وفقدان وعي !!! ؟
كل هذه مؤشرات توحي على ان الامر .. قد لايبشر بخير !

جأني عبدالاله ..
هاه بشر .. وش قال الطبيب .. ؟
قلت وانا مرتبك .. يريد اشعه مقطعيه لرأسي ..

رد علي بقوله : .. سهلة جدا"
وهذه تمنحك باذن الله الاطمئنان .. على سلامتك وصحتك

ثم اردف قائلا" :
ارجوك ان تعذرني .. الصلاة ستقام الان .. سأصلي في مسجد المستشفى .. واعود اليك
اتركك في رعاية الله ..

غادر .. وبقي بصري متسمرا" نحو مسيره !!
تركا" لي الف سؤال وسؤال .. !!

وانا لماذا .. لا اصلي ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هكذا حدثت نفسي

حاولت ان اتحرك من سريري ..
فوجدت اني قادرا" على ذلك ..

مر الطبيب من امامي .. وحين رأني اهم بالنزول
سألني مابك .. الى اين ؟

اريد ان اصلي ...!!!
اريد ان اصلي ... !!!
اريد ان اصلي ... ! ! !

قلتها مرة واحده .. و تردد صداها بين ردهات صدري .. وفي اعماق جوفي .. مرات عديده
شعرت بأني افخر بها .. وان غربتي عنها قد طالت ..

حسنا" .. لابأس ..اذا لم يكن ذلك يرهقك ..
قالها الطبيب
واشار الى السقف .. انظر الى ذلك السهم .. فهو يشير الى اتجاه القبله ..

لا .. قلتها بقوة .. !

اريد المسجد .. اريد ان اتوضأ اولا" ..
نزلت من سريري
وحين انتصفت في الممر ..


شاهدتها .. وقد اقبلت ..
تسارع الخطى نحوي
تفتح ذراعيها .. وكأنها مهاجر وقد عادالى وطنه بعد اغتراب!

فلذة كبدي .. احتضنتها .. و استنشقت انفاسها
قبلتها .. وضممتها حتى شعرت بأن اضلعي قد خالطت اضلاعها

( بابا وش فيك )
قالتها .. وبكت فأبكتني !!

مسحت دموعي بخصلات شعرها ..
وحتى لااريها بكائي .. قلت لهاارجعي الى خالتكِ .. واجلسي معها حتى اصلي واعود..

( صرت تصلي زي ماما ) طعنتني يهذه العباره التي خرجت بعفوية وبراءه
.. وكأنني كنت بحاجة الى تلك الطعنه ..

اعدتها من احيث اتت ..
وجرجرت اقدامي نحو مكان الوضؤ .. وانا اشعر بثقل في راسي وباقي جسدي ..

( صرت تصلي زي ماما )
رنين هذه العباره .. التصق بتفكيري
تذكرت تلك ( المطوعه ) القابعه في منزلي ..
لكِ الله .. يازوجتي الغاليه
اواه كم كنت قاسيا ..!!

توضأت .. وحرصت على ان احسن الوضؤ ..
شعرت باني ذاهب الى اهم من يفد اليه المذنبون امثالي ..
دخلت ذلك المسجد .. والمؤذن يقيم الصلاه
وكاني لم ادخل مسجد في حياتي قط ..

قدمت رجلي اليمنى .. وقلت في خاطري ..
رباه ..
عبدٌ ينؤ بحملٍ ثقيل ..
وقف بباك ..
فأرحم ضعفه .. واقبل توبته ..

اصططفت مع ( الرجال ) ..
طردت كل مايجول بخاطري من افكار ..
واستحضرت انني .. ضيف جديد على كريم
شعرت انني اقف امام ربي ..
واريد ان اعتذر منه عن مابدر مني ..

كبّر الامام .. وكبرنا بتكبيرته ..
قرأ بالفاتحه ..

لله ما اعذب صوته .. وما اروعه .. !!
وبعد الفاتحه ..
تلا ايات ..
ماكنت ادري اصلا" انها في القرآن ..

(( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
))

يا الله ..
كأنها تعنيني ..
أأنا المخاطب بها.. يارب !؟
أأنا المعني بهذا يارب .. !!؟

شعرت بفوح حرارة الرعب من الله تشتعل في جوف صدري
وضاقت غصتي ..
وذرفت دمعتي ..
حاولت ان اجاهد نفسي .. واكتم لوعتي .. فما قدرت

لا اريد لمن حولي ان يسمعوا او يعلموا دمعتي !!
فأنقلبت نلك الدمعه الى بكاء ..
وتحول البكاء الى نحيب خافت ..!!

بكيت .. بكيت .. وبكيت !!!

وحين سجدت ..
ازداد لهيب الحسرة .. والندم

قلت اللهم ..
ان اثقلتني ذنوبي وكانت كالجبال ..
فما احقر حجمها .. امام عفوك ورحمتك ..

وحين قمنا للركعة الثانيه ..
اكمل الامام .. القرآة بقوله تعالى ..

(( قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ
))

فتذكرت يأخي مواقفي التي لاتخفاك .. من اولئك الذي اسخر منهم .. وهم الى الله اقرب ..
وشعرت بفداحة اثمي .. وقلة زادي .. وخبالة عقلي
قارنت بين حالي وحالهم .. فوجدتهم هم الصابرون عن الملهيات والملذات .. وانا الغارق فيها
فكان جزائهم بما صبروا خير ..
وانا المستهزيء بهم ..
الا ما اجهلني .. وما اعزهم !
شعرت بأن قدماي لم تعد تحملني .. واحسست بالانهيار .


التفت اليّ ( اخي ) وهو يواصل سرد قصته ..
ورمقني بنظرة منه ..
واذا بي غارق في بحر من الدموع الصامته ..

اوجعتك .. قالها متسائلا" .. !؟

بل والله ابهجتني .. ( اجبته ) . ( اللهم ردنا اليك ردا جميلا )

اثناء جلوسي للتشهد الاخير .. في تلك الصلاه
احسست بأن كل جوارحي ترتجف
وان نبض اوردتي يزداد قوة ..
والعبرات الخانقه تزيد من احكام قبضتها على حنجرتي ..
وشعرت برغبة جامحة في البكاء ..
فقد اسمتعت لآيات من كلام الله
لو أيقنتها صخور الجبال لتفتت
فكيف بقلب غض ٍ وقد افاق من غفلته ..

انتهى الامام .. صاحب ذلك الصوت العذب الرخيم المؤثر .. من صلاته ..
واستدار بوجهه الى المصلين مستغفرا" و مسبحا" ..
فرفعت بصري اليه .. وفي القلب له دعوه ..
جزاء ما اسمعنا من آيات يذوب لها الفؤاد من كمد .

واذا بي بوجه صاحبي
ذلك الشاب الشهم الطيب .. عبدالاله الـ ........
كأن هو الامام الذي يقرأ
لحظتها .. كم فرحت به ..
وكم تمنيت احتضانه !!

رمقني من بين الصفوف .. وانا اسبره بمقلتاي
فرد علي ّ بابتسامه صافيه ، نقيه ، صادقه ، منحتني شيء من اطمئنان .
لله هو .. ما اروعه !!

بقيت في ذلك المسجد.. اسمع المصلين يسبحون بنسق اجهله ..
وما كنت اعلم ان تلك اذكار مخصوصه ومسنونة بعد كل صلاه !!

كل مااشتقت اليه في تلك اللحظات ..
هو السجود ..
أي وربي .. هو السجود .
اشعر وانا ساجد .. براحة لم اعدها في نفسي من قبل
كاني قريب من ربي .. لاحجاب بيني وبينه ..

صليت سنة العشاء .. وانا اشعر بشيء من الاعياء والارهاق
ودعوت ربي .. ان يفتح لي ابواب فضله ..

خرجت من باب المسجد ..
و اخذت اتفحص وجوه اولئك الرجال الخارجين من بوابته
فوجدتهم مابين طبيب وممرض .. مريض وزائر .. موظف وعامل
كلهك سواسيه ..
قرات في وجوههم السعادة التي كنت انشدها .. وابحث عنها سنين طويله .
رايتهم يتهامسون بموده
ويتبسم كل منهم في وجه الاخر وكانهم اخوة ..
شعرت بأن لهم عالم غير العالم الذي اعيش فيه !

تحاملت على نفسي .. واتجهت صوب سريري في طوارىء المستشفى
وما ان دلفت الى تلك الغرفه ..
الا وبشقيقي .. يحمل في وجهه كل ايات القلق
اخذ بيدي واقعدني على السرير ..

سلامات .. سلامات مابك ؟ سألني ..

اجبته :
لاشيء مجرد عارض سيزول بأذن الله ..

رويت له ماحدث لي .. وبعد ان اطمأن عليّ ..
غادر الى حيث الطبيب المعالج .. ليستجلي منه حقيقة الامر .

وفي هذه الاثناء ..

التفتُ الى زاوية المكان البعيده ..
فاذا بها واقفة هناك ..

عرفها قلبي .. قبل بصري

وحين ادركت ْ بأنني قد شاهدتها ..

اقبلت ْ ..

واتجهت صوبي ..
وهي تحمل بين يديها .. نتاج رباطنا ..

قراتُ في خطواتها الانهيار والوجل .

وما ان وصلت الي ّ .. حتى احاطتني بالستار
وكشفت عن وجهها .. وهي واقفه ..

واذا بدموعها وقد تحدرت على وجنتيها
وبقيت صامته .. !

عيناها تطرح الاسئلة ..
اما لسانها فصامت !!

امعنت النظر في ملامح وجهها ..

فشعرت حينها بأنها من اجمل نساء الكون ..!!
لم اكن اتحسس ذلك الجمال فيها .. قبلا"
وما ادركته الا الان ..

ربما لاني كنت ابحث عنه في زينة زائفه .. تنتهي بمجرد ازالتها

اما الان .. والان فقط

فقد لمحت جمالها ..
حين تذكرت ..
قنوتها في بيتنا وتلاوتها لكتاب الله .. اناء الليل واطراف النهار

وحين جال بخاطري ..
دثارها الذي تتلحف به حين وقوفها بين يدي ربها ..
ايقنت انني ابصر مالم تبصره اشهر دور الازياء العالميه .

برز جمالها في ناظري
يوم تذكرت لحظات افطارها بعيد اذان مغرب كل اثنين وخميس
وتذكرت يوم ان كانت تبحث عن سعادتي وانا في لهو ٍ عنها .. وما زحزح ذلك ايمانها .

وبدون شعور مني ..
اخذت ُ كفها .. ووضعته بين راحتي يداي
قائلا" : حيا الله زوجتي الغاليه

فاجهشت بالبكاء ..

( طهور لابأس تمحيص باذن الله ) ..
قالتها مصحوبة بحشرجه ..
واردفت .. سلامات يا ابا( ...... ) مابك ؟

طمأنتها .. وطلبت منها التوقف عن البكاء حتى لاتشعر البنيه .. بشيء من خوف .

قالت وكانها تريد ان تصدق خبرا" لم يتأكد في ذهنها .. :
حين حضرت الى المستشفى .. وجدت ابنتي بين يدي امرأه لا اعرفها ..
ولحظة اخذتها منها .. وسألت ابنتك عنك .. شرحت لي تلك المرأه أمرك مع زوجها جزاهما الله كل خير .. وانك تتلقى العلاج ..

الا ابنتك قاطعهتا قائلة بفطريتها .. :
( لا .. ابوي صار يصلي مثلك يايمه .. قال لي بيروح المسجد )) .

هل كنت هناك بالفعل .. ؟ سألتني ..
هززت رأسي بالايجاب .. وانا اشعر بشيء من دوار ..

واللهِ .. مامرت ليلة اقف فيها بين يدي ربي ..
ولا لحظة افطار .. بعد نهار صيام ..
الا وسألته ان يتوب عليك ويهديك ..
فلربما استجاب الله لدعائي ..
فابشر بالخير ولا تقلق ..
هكذا قالت لي ..

فاخترق قولها ذلك .. كل جدارات كياني.. واستقر في فؤادي كصك امان .. وهبتني اياه

احست هي باني متعب .. وسألتني اين مكان آلآمك .؟
اشرت الى مؤخرة رأسي ..
فوضعت يمينها .. حيث الالم وابتهلت :
(( اسأل الله العظيم .. رب العرش العظيم ان يشفيك ))
ورددتها مرارا .. ومع كل مره كان الاطمئنان يتسلل الى قلبي ..

عاد شقيقي .. ونادى بصوت مسموع
اذنت له بالدخول ..
وقال : الطبيب يريد ان يحضر للكشف عليك .

طلبت من زوجتي ان تأخذ البنت وتنتظر في صالة الانتظار ..

بعد مغادرتها .. قال لي اخي بشيء من قلق محاولا اخفائه ..
الطبيب يريد منا ان نأخذك الى الاشعة المقطعيه .. !!

حسنا .. اجبته .

نزلت من سريري وأُركبت ُ على كرسي ذو عجلات
وحين هممنا بالمسير طلبت من شقيقي الانتظار

جلت ببصري في ارجاء المكان بحثا" عن ذلك الرجل الطيب الشهم .. عبدالاله الـ ...

واذا به يقف بالقرب من الباب .. ناديته وعرفته بشقيقي .. الذي اثنى على كرمه وحسن خلقه ونبله
وطلبنا منه الذهاب وعدم الانتظار .. لكي لانشغله ..
فاخجلنا بكريم ايثاره .. واصر على البقاء حتى يطمأن علي ّ
حاولت في عدم بقائه .. الا انه اصر .. ورضخنا لرغبته .

يواصل اخي حفظه الله . سرده لقصته .. قائلا" :

تحرك بي الكرسي الى حيث غرفة الاشعه
ومع شعوري الشديد بالارتباك المنهِك
توقف سؤال حائر في ذهني ..

لماذا المقطعيه ؟

وصلت الى حيث يكون جهازها .. وانا لم اصل الى اجابة بعد ..

لأول مرة في حياتي اشاهد ذلك الجهاز الاسطواني الابيض ..
استقبلي احد العاملين عليه ..
وطلب مني الاستلقاء على ظهري ووضع يدي على الجانبين
والثبات على هذه الوضعيه دون حركه ..
كدت اجن وافقد صوابي ..
فرأسي متجه الى حيث سيدخلونني .. في ذلك الجهاز الذي يشبه ( القبر )
تخيلت انه فعلا" ( قبري ) ..
وبدأت اسأل الله اللطف ..

اطفأت الانوار .. وعم الظلام
وبدأ السرير الذي انا ملقى عليه يأخذ طريقه اليا" نحو جهاز الاشعه المقطعيه
وبدأت اسمع اصوات طنين الاشعه .

لم تساعدني قواي على فتح عيني ..
اظن ان الطبيب منعني من ذلك .. لم اعد اذكر ..!

وبعد لحظات اخرجت منه .. وكأنني بعثت من جديد

عدنا الى حيث كنت .. بأنتظار نتيجة الاشعه ..
وبعد وقت ليس بالقصير ..
حضر الينا الطبيب الذي طلب اجراء الاشعه ..
وقال نحن بـأنتظار استشاري المخ والاعصاب ليعطينا رايه في النتائج !

سقط قوله ذلك على راسي كبرق خاطف ..
ماذا تعني بقولك هذا يادكتور .. سألته .
قال :
لاتقلق هذا امر روتيني .. فلكل اختصاصه ..

مرت ثلاثون دقيقه .. كأنها ثلاثون عام .. حتى حضر الاستشاري المختص
وبعد اجتماعه بالطبيب وبطبيب الاشعه
تأكد لهم وعبر الصور الاشعاعيه وجود شيء ما .. في منطقة الالم .

اخبروني وشقيقي بذلك .. وأكدوا لنا ان الامر لايستدعي القلق
وان الامر يحتاج الى تنويمي .. لاجراء المزيد من الفحوصات
ازدادت مخاوفي .. بعد هذا القرار
وقلت لهم لابد ان في الامر شيء هام .. طالما انه يحتاج الى مزيد من الفحوصات
وشرحت للطبيب انني انسان مؤمن .. ومقتنع بما كتب الله لي ..
ويهمني ان اطلع على حالتي .. وتحت مسؤليتي ..

نظر الطبيب الى شقيقي .. نظرة طالب المشوره ..
فقاطعته قائلا" .. انا صاحب الشأن ما الامر .. ؟

اجابني .. :
الاشعه المقطعيه بينت لنا وجود شبه ورم في مؤخرة الرأس ..!!!

اسقط في يدي .. فاحتضنني شقيقي .. واقعدني على السرير ..
شعرت بأن الكون الفسيح .. اصبح اضيق من سم الخياط ..
استرجعت اعمالي .. فما وجدت فيها مايشفع لي .. فضاقت عليّ الارض بما رحبت
واستذكرت فلذة كبدي .. بنيتي .. فجادت مدامعي .
وشقيقي يذكرني بالله وبالايمان بالقضاء والقدر .. وان الامر هين اذا اوكل الى الله ..

في هذه الاثناء ..
وبينما انا ادس وجهي بين كفي ّ .. واذا بيد حانيه تمسح على كتفي
نظرت فاذا هو وجه عبد الاله .. ولا زالت الابتسامه تعلوه ..
سأل مالامر ؟ اجابه شقيقي .. عارض بسيط ان شاء الله ..

قلت له .. قال لي الطبيب بوجود اشتباه وجود ورم في مؤخرة الرأس
شعر بفداحة همـّي ..
فسمعت منه كلمات والله انها لتزن الارض راحة وطمانينه .
اذكر مما قاله لي :
وهل تظن ان المؤمن لايبتلى .. !! ؟
ابشر بان الله يصلي عليك اذا استلهمت الصبر لوجهه الكريم وقلت انا لله وانا اليه راجعون ..!
وتذكر ان ذلك تكفير لذنوب ..
ومن ثم الطبيب يقول اشتباه ..
واخذ يطمأني .. حتى استكانت نفسي الى امر الله ..

*
*
*

طال الحديث بأخي ..
وشعرت بأنه قد انهك .. وصدمني بخبره هذا ..
نظرت اليه .. وكلي ذهول .. استسرعه الاجابه .
وهل تبين مرضك ؟

اجابني ..
نعم ثبت انه ( ورم ) في الرأس ..
وسأسافر قريبا" الى خارج البلاد لاجراء عمليه جراحيه استكشافيه لماهية ذلك الورم..
ان كأن ورما" حميدا" او خلافه .


هنا انتهى سرده لقصته ..
وشعرت انني انا الذي بحاجة الى من يواسيني .. فما زلت حديث عهد بهذه الصدمه
استرجعت قواي وثباتي ,, وهونت عليه الامر ..
واخبرته بما عاناه غيره من امراض اعظم من هذا .. وهاهم الان يتمتعون بعافيه

نظر الي نظرته الحاذقه .. تلك التي اعهدها منه .. وارفقها بأبتسامه
وقال :

لاعليك .. فثقتي بالله .. اعظم من كل المخاوف ..
فالحمد لله الذي قضى لي بهذا وقد عرفت من نفسي العودة اليه .
الكارثه .. لو استفحل الامر وغادرت وانا على ماكنت عليه من حال . والعياذ بالله .

*
*
*
سافر اخي الى خارج البلاد .. لتلقي العلاج ..

ولازاااال ..
وان شاء الله .. وبحوله وقوته .. سأنقل لكم قريبا" اخبارا" سارة عنه .
فقط لاتنسونه من دعائكم .. فهو بامس الحاجة اليه .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..



عاد أخي وصديقي إلى أرض الوطن لاحقاً ولازال يتابع علاجه




--------------------------------------------------------------------------